عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) logo إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه
shape
محاضرات بعنوان: عناية السلف بالحديث الشريف
21056 مشاهدة print word pdf
line-top
عبد الله بن عمرو وكتابة الحديث

كان من جملة الذين يروون الأحاديث عبد الله بن عمرو بن العاص وكان كاتبا؛ فكان إذا سمع من النبي صلى الله عليه وسلم حديثا كتبه، فأنكر عليه بعض الصحابة وقالوا: إنك تكتب الأحاديث، وقد يكون النبي صلى الله عليه وسلم تكلم في غضب أو نحو ذلك فكيف تكتب ما تكلم به من غير قصد؟ يقول: فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: اكتب فوالذي نفسي بيده لا يخرج منه إلا حق، وأشار إلى فمه لا يخرج مني إلا حق. زكاه أبو هريرة فقال: ليس أحد أكثر مني حديثا أو أحفظ إلا ما كان من عبد الله بن عمرو بن العاص فإنه كان يكتب ولا أكتب؛ هكذا ذكر السبب أنه كان يكتب.
ثم إنه رضي الله عنه كتب أحاديث في صحيفة، وتلك الصحيفة يسميها (الصحيحة) أو تعرف بالصحيحة. رواها عنه ابن ابنه واسمه شعيب روى تلك الصحيفة. قالوا: فيها أكثر من ثمانين حديثا، وروى أحاديث أخرى أيضا ما كتبها في تلك الصحيفة، ثم روى تلك الصحيفة أيضا عمرو بن شعيب عن أبيه شعيب عن جده عبد الله فاشتهر رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده لتلك الصحيفة التي تسمى الصحيحة، وقد جمع أحاديثها الكثيرة بعض المتأخرين وصححوها، وكأنهم طبعوها مفردة. أرادوا بذلك أن الصحابة اهتموا بكتابة الأحاديث ولو كانوا في زمن قلة من الإمكانيات.
مما يدل على أن الحديث كان محفوظا؛ بحيث يحفظونه في أوراق حتى لا يتغير، وذلك لأن الحفظ قد يتغير، وأما الكتابة فإنها تبقى؛ ولذلك قال بعض العلماء: اكتبوا ما تسمعون فإن ما كتب قر، وما حفظ فر إن الإنسان عرضة للنسيان إلا من وهبه الله تعالى حفظا وفهما.

line-bottom